https://alwadiforasianstudies.com/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

اريد ان ادلي بدلوي ،حول زيارة الرئيس احمد الشرع الى موسكو .

في البداية  ، لا بد من الاشارة الى جزئية هامة جدا، حددت  طبيعة الزيارة واجوائها ،واثرت على نتائجها ، وهي ان الرئيس بوتين  صاحب الشخصية القوية الطاغية ، يحترم  الاقوياء من السياسيين ، ولا يقيم وزنا كبيرا للمتخاذلين المستجدييٌن منهم .وخير تجسيد لذلك ، نلمسه في تعامل بوتين  الودي مع الرئيسين الامريكي والصيني ،وكذلك مع ولي العهد السعودي ورئيس دولة  الامارات ،وغيرهم  من قادة الدول الاقوياء في بلادهم . وقد ادرك الرئيس الروسي ، ان الرئيس الشرع ،الذي  صمد – سنوات – امام القصف الروسي العنيف، وقاد بجدارة معركة اسقاط بشار الاسد، يشغل مكانة متقدمة في  صفوف اولئك السياسيين .ويحضرني في هذا المجال ،ما قاله   الرئيس الروسي في وصفه لمعركة حلب ، حيث ذكر، ان ثلاثمائة مقاتل فقط ، قد هزموا ثلاثين الفا من قوات بشار الاسد ، وكذلك قرار الرئيس بوتين في ان تلتزم القوات الروسية الحياد في معركة التحرير .

والرئيس الروسي ، يعشق اختبار صلابة مفاوضيه . فهوقد ارسل كلبا اسودا كبيرا لبث الخوف في قلب المستشارة الالمانية ميركل، التي كانت – منذ صغرها – تخشى الكلاب . وقادة كثر تعرضوا لمواقف “اختبارية” مختلفة ، كاجبارهم على الانتظارالطويل للضغط النفسي عليهم ،او اجلاسهم على اطراف طاولة المفاوضات ، كما جرى مع ماكرون .وحدث الشيء نفسه هذه المرة مع الشرع ، حيث اختار بوتين وقبيل اللقاء ، ان يسلك الرئيس السوري درجا طويلا يقود الى قاعة الاجتماعات ، رغم وجود المصاعد.وقد علق  الشرع  مازحا على ذلك بما معناه ، باننا اعتبرنا ذلك نوعا من الرياضة التي اعتدنا ممارستها ، ولذلك وصلنا الى هنا .

هذه الوقائع  تركت بصماتها  الايجابية على اجواء اللقاء  بين الرئيسين .فقد عامل بوتين الشرع بكل احترام ، واستقبله بوجه بشوش وبكلمات حارة ، وكان الارتياح الشديد باديا على تصرفات الرئيس الروسي اثناء اللقاء . وانعكس ذلك في التغطية الاعلامية للزيارة ،حيث بث التلفزيون الروسي خبرا مطولا حول المباحثات ، وقد اعيد بث الخبر عدة مرات وعلى كل المحطات  السياسية الروسية . وشكل اللقاء مادة دسمة لكثير من التعليقات الايجابية ، التي اكدت اهمية العلاقة مع سورية .

وبالفعل ، فان زيارة الشرع الى موسكو ،قد نقلت العلاقات الثنائية السورية الروسية الى مستويات جديدة ، وفتحت افاقا رحبة للتعاون المستقبلي بين البلدين . واذا اردت ان اختصر  نتائج هذه الزيارة ، فانني اقول ، انها تمكنت من عبور مرحلة من التاريخ المؤلم بين البلدين ،وتصحيح العلاقات الثنائية على قواعد الاحترام المتبادل ، والمساواة وتحقيق المنفعة المشتركة للطرفين . فالقواعد الروسية لم تعد تخدم مصالح روسيا بالدرجة الاولى  ، بل سيتم تعديل وظائفها بما يخدم سورية ويلبي حاجاتها الامنية والانسانية والتنموية . والاتفاقات الاقتصادية والتجارية ستصبح اقنية للتعاون النزيه والشفاف  ، الذي سيساعد في نمو الاقتصاد السوري وتنشيط حركة اعادة الاعمار .وعلى الصعيد السياسي ، فان السياسة الروسية ستكون رديفا في استعادة سورية لدورها على الصعيدين الدولي  والاقليمي، بما يسهم في حماية استقلال سورية ووحدة اراضيها .صحيح ان الزيارة كانت قصيرة وليوم واحد ، ولكن الصحيح ، ان نتائج هذه الزيارة ، قد فتحت آفاقا واسعة لشراكة سورية روسية بعيدة الامد ، شراكة تلبي مصالح البلدين ، وتضمد جراح الماضي ، وتحيي الصداقة التاريخية بين الشعبين .

18/10/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 4 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube