https://alwadiforasianstudies.com/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

 كتب محمد خير الوادي :

 

اشرت في مقالتي السابقة ، الى ن الحرب الايرانية – الاسرائيلية قد نشبت اثر تصادم مشروعي الهيمنة الاسرائيلية والايرانية للسيطرة على الشرق الاوسط ، وان نتنياهو حاول  اضعاف المشروع الايراني ليضمن تفوق الخط الاسرائيلي .

واليوم بعد ان انجلى غبار هذه الحرب الطاحنة ، يطرح السؤال التالي : ما مصير هذين المشروعين  بعد الحرب ، وما هي قدرتهما على صياغة مستقبل الشرق الاوسط ؟

 رغم ادعاءات ايران بالنصر والحاق الهزيمة باسرائيل ، فان الواقع يشير، الى ان المشروع الايراني قد مني بنكسة استراتيجية ثانية ، بعد النكسة الاولى التي حلت به في الحلقة السورية . فاستباحة الطيران الاسرائيلي للاجواء الايرانية خلال ايام الحرب ، والتدمير الذي حل بالمشروع النووي الايراني ، وبالبنية العسكرية والعلمية في ايران ، كل هذه الوقائع ادت الى اضعاف المشروع الامبراطوري الايراني . نضيف الى ذلك ، ان سقوط ” الجوهرة السورية ” من التاج الايراني ، قد الحق خسارة استراتيجية  لا تعوض بمشروع الهيمنةالايرانية .  ثم ان  الوضع الكارثي للاقتصاد الايراني ، قد حد كثرا من قدرة ايران ايران على تمويل اذرعها الخارجية .

هذه الوقائع كلها تضفي شكوكا كبيرة على  استمرارية المشروع الامبراطوري الايراني . ولن  تغير مبالغات اذناب ايران،و تبجحات اذرعها  من هذا الواقع ، ولن تنال من  الحقيقة القائلة ، ان مشروع الهيمنة الايرانية ،الذي تباهى يوما بالسيطرة على اربع عواصم عربية وبناء الهلال الشيعي ، بدأ بالاتحسار، وانه  بات من الصعب اخفاء تلك الحقيقة .

واتناول الآن  المشروع الآخر  للهيمنة على الشرق الاوسط ، وهو المشروع الاسرائيلي  الذي يروج له نتنياهو . تستند خطط نتنياهو هذه الى استخدام القوة  حصرا والتلويح بها ،  لجرٌمزيد من الدول العربية للتطبيع مع اسرائيل ،بغض النظرعن   استمرار الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية والجولان . ويتجاهل المشروع الاسرائيلي  خطط تهجير سكان غزة  ،ويلغي  القضية الفلسطينية ، ويشطب  قرارات الامم المتحدة ،وكامل الجهود الدولية لتحقيق السلام العادل . وحسب نتنياهو ، فان اسرائيل ستفرض مشروعها هذا عبر القوة والقوة وحدها . ويدعي نتنياهو ،ان اسرائيل قد تمكنت ،عبر القوة ،من تحقيق نصر مؤزر على ايران ، وان هذا “النصر”  يشجع اسرائيل على المضي قدما في خططها لبسط  هيمنتها على الشرق الاوسط  عبر القوة .

وادعاءات نتنياهو بتحقيق النصر ، امر بحاجة الى نقاش وتدقيق .وهذه الادعاءات عاجزة عن اخفاء النكسات التي تعرضت لها اسرائيل خلال تلك الحرب .فاول مرة تتعرض اسرائيل لدمار كبير، ويتجرع الاسرائيليون مرارة الحرب ومأسيها . والأهم من ذلك كله ، ان الجيش الاسرائيلي قد بدا عاجزا عن حسم الحرب ، وان اسرائيل قد دخلت في مرحلة استنزاف خطيرة ، وانه لولا  المساعدة التي قدمها ترامب  ،عبر قصف المواقع النووية الايرانية وايقاف الحرب ، لكانت اسرائيل قد دخلت في مرحلة استنزاف خطيرة لا احد يتكهن بنتائجها .

ما اريد قوله ، ان القوة التي يتسلح بها بنتياهو لم تكن  كافية لحسم الامور مع ايران ، وان هذه القوة لن تكون لوحدها كافية ايضا لضمان نجاح مشروع نتنياهو بالسيطرة على المنطقة عبر القوة المطلقة .ومفيد التذكير بهذا المجال ، ان الجيش الاسرائيلي لم يتمكن ولن يتمكن –  رغم تفوقه الكامل – من السيطرة على غزة او الضفة الغربية  ، وانه رغم محاولات نتنياهو اليائسة لتهجير ما تبقى من الشعب الفلسطين ، الا ان تلك المحاولات لم تنجح في دفع الدول العربية للقبول بخطط التهجير تلك . اضافة الى ذلك ، فان مشروع نتنياهو يسقط من حساباته وجود وتأثير قوى اقليمية صاعدة في المنطقة ، وهي السعودية وتركيا ، وهاتان الدولتان تعارضان بشدة بسط الهيمنة الاسرائيلية . ونقطة اخرى لم ياخذها نتنياهو في اعتباره ، وهي عدم تطابق مشروعه للهيمنة على المنطقة مع السياسة الامريكية ،التي تقول بدعم الاستقرار والهدوء  والتعاون واحلال السلام  في الشرق الاوسط .وشهدنا  نقاط عدم التطابق هذه ، في الموقف من سورية ،وفي الاتفاق الذي ابرمته امريكا لوقف اطلاق النار مع الحوثيين ، وفي اتصالات واشنطن مباشرة مع حماس من وراء ظهر الاسرائيليين .ثم ان محاولات نتنياهو لطمس القضية الفلسطينة قد أخفقت ، والدليل على ذلك جهود السعودية لعقد مؤتمر دولي حول حل الدولتين ، والتضامن الواسع  مع نضال الشعب الفلسطيني  الذي يجتاح  اوربا والعالم كله  والعزلة الدولية التي تحيط باسرائيل .   و لا بد  – بهذا الخصوص -من التذكير  – ان الجولان هي ارض سورية ، ولن يتم التنازل عنها تحت اي ظرف .

  هذا كله يؤكد ،  ان مشروع  نتنياهو للهيمنة على الشرق الاوسط بات يعرج الآن ، وان  مقولة ان اسرائيل تستطيع فرض ما تريد بالقوة العسكرية ، باتت ايضا مدعاة للشك .

كلمة اخيرة اقولها ، ان الحرب مع ايران ،التي اضعفت مشروع الهيمنة الايرانية في المنطقة ،لم تقدم   في الوقت نفسه ، عوامل قوة اضافية لخطط نتنياهو الرامية الى  السيطرة على الشرق الاوسط . بل على النقيض من ذلك ، فهذه الحرب اظهرت عجز اسرائيل وعدم قدرتها على حسم الامور .وهذه حقيقة ينبغي اخذها  الحقيقة بالحسبان .

28/6/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 − أربعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube