
كتب محمد خير الوادي :
حان الوقت – من وجهة نظري – لنسمي الامور بمسمياتها الحقيقية حيال الحرب التي انفجرت بين اسرائيل وايران . فهذه الحرب لم تبدأ من اجل فلسطين وقضيتها ، بل نتيجة لاصطدام مروع بين مشروعي الهيمنة الاسرائيلي – الايراني على المنطقة ، وسعي كل طرف لتعزيز نفوذه وتواجده في الشرق الاوسط . والتطورات التي جرت خلال الفترة الماضية تؤكد ذلك . فقد بذلت القيادة الايرانية خلال السنوات الماضية جهودا محمومة ، لتوسيع نفوذها في المنطقة على حساب العرب . ولذلك اشادت الهلال الشيعي ، الذي بدأ من اليمن ومر بالعراق وسورية ولبنان . وكانت شهية طهران مفتوحة جدا لتوسيع هذا الهلال على حساب دول الخليج ، ومصر . وفي الوقت نفسه، لم يخف نتنياهو نياته في العمل على تمكين اسرائيل من الهيمنة على الشرق الاوسط ، ومنع اية قوة اخرى من فعل ذلك . وهذا يعني عمليا ، ان تل ابيب لا ترغب في تقاسم هذه الهيمنة مع احد ، لا مع تركيا ولا مع ايران ، التي سترت طموحاتها التوسعية ، بغطاء القضية الفلسطينية ،وبشعارات محور الصمود والتصدي المعادي لاسرائيل . وقد استشعر نتنياهو الخطر – خاصة – عقب الانباء التي انتشرت مؤخرا، واكدتها وكالة الطاقة الذرية الدولية ، والتي تفيد ، ان ايران باتت على بعد خطوات معدود من امتلاك القنبلة النووية . ويدرك الاسرائيليون،انه في حال تم ذلك ، فان طهران ستصبح عقبة حقيقة في طريق تنفيذ مشروع الهيمنة الاسرائيلية في المنطقة ، وان القيادة الايرانية ستزداد – عندئذ – اصرارا على بناء مزيد من قلاع النفوذ الايراني في المنطقة ، وتعويض ما خسرته في سورية .
انه صدام بين وحشين دمويين كاسرين ، وبين عدوين لدودين للعرب ولقضاياهم ،هدفهما ابتلاع اكبر كمية ممكنة من الغنائم على حساب العرب .
من جانب آخر ،فان هذا الارتطام الهائل بين النفوذين الاسرائيلي والايراني ، يولد فرصة تاريخية امام لعرب ، للتحرك وانتزاع زمام المبادرة من الايادي الاسرائيلية والايرانية . وساشرح ذلك . فمن جهة ، نقلت هذه الحرب نقطة التركيز – مؤقتا – في الجهود الاسرائيلية الايرانية ،من السعي للاستحواذ على مزيد من الغنائم العربية ،الى مجال تصفية الحسابات بين طرفي الحرب . وهذا سيشغل الوحشين ببعضهما البعض.اضافة الى ذلك ، فان الصدام الاسرائيلي الايراني ، يستنزف الجانبين ويضعفهما ،ويلحق بهما جروحا عميقة ، قد تتطلب علاجا يستمر سنوات . ولذلك ، فانني اعتقد ، بان امام العرب اليوم فرصة قد لا تتكرر، من اجل لم شملهم ، واعادة صياغة اوضاعهم ، بما يجعلهم اصحاب القرار، في تقرير حاضر هذه المنطقة ومستقبلها .
وبهذا الخصوص ، فانني – كمواطن عربي – ، اتوجه الى قادة دول الخليج العربي ومصر ، للتحرك من اجل لم الشمل العربي ، واعادة الروح الى التضامن العربي ، واحياء مؤسسات العمل العربي المشترك المجمدة . لقد باتت الظروف اليوم مهيأة لجهد بناء، هدفه انتشال الواقع العربي من واقعه المزري ، ووضعه على سكة التقارب والتصالح والعمل والتعاون . وأوكد مرة اخرى ، ان هذه فرصة تاريخية قد لا تتكرر.
15/6/2025