https://alwadiforasianstudies.com/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي:

تريثت في الكتابة عن زيارة الرئيس ترامب الى اسرائيل وقمة شرم الشيخ ، الى حين  تلاشي ” العواصف ” الالكترونية التي اثارها هذا الحدث الكبير ، واتضاح الرؤيا  الحقيقية  وتبدد  الضباب الاعلامي  ،وظهورالاجزاء الحقيقية للصورة ،بعيدا عن الصخب السياسي والتضخيم المقصود .

هناك وقائع مسلم بها ، في مقدمتها ، ان ترامب كان صادقا في سعيه لوقف ” الحرب ” ، واطلاق سراح  المحتجزين الاسرائيليين ،حتى لو وصل ثمن ذلك الى حد ، اجبار اسرائيل على الافراج عن بعض الاسرى الفلسطينيين ، وانسحاب محدود  في غزة ، والسماح بتدفق المساعدات . ونيات الرئيس الامريكي كانت مخلصة كذلك ، في نشر تباشير السلام ، و كسرحواجز العداء في المنطقة . وفي هذا المجال ، فان جهود ترامب تستحق التقدير والثناء .

لكن هناك مشكلتان بهذا الخصوص ، الاولى تكمن  في الفهم الاسرائيلي لخطوات ترامب ونياته . فنتنياهو يحاول جاهدا  التلاعب بالجهود الامريكية وافراغها من مضامينها،  عبر طمس الوقائع  المولدة للصراع ، واخفاء  اسباب استمرار التوتر وانفجار الحروب في المنطقة ، واهمها  تجاهله للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، ومواصلة اسرائيل لنهج الاحتلال والتوسع في فلسطين والمنطقة .كما تحاول اسرائيل – مع بداية المرحلة الثانية من خطة ترامب – بث وهم السلام في سماء المنطقة  ،والحصول مقابل هذا الوهم ، على تنازلات مجانية ،فلسطينية وعربية  ودولية ( كسر العزلة ) .  وفي هذا الاطار ، تحدث النتن – في تراجع تكتيكي -عن رغبته في السلام ، واعلن ان يد حكومته “ممدودة” لمن يرغب في بناء هذا السلام ، ولكنه تجاهل عمدا الحديث عن متطلبات هذا السلام واهمها ،  اقامة دولة فلسطينية . كما يتمسك نتنياهو  بسياسة التهجير ،ويعارض مبدأ الانسحاب والعودة الى حدود حزيران عام 1967 ، ويسعى  الى ضم الضفة الغربية ، كما فعل مع الجولان والقدس .

والمشكلة الثانية ، هي في عدم وضوح مفهوم الرئيس ترامب لاسس السلام العادل في المنطقة  . ومما يثر القلق ، ان الرئيس الامريكي قد فاخر باعترافه بالضم الاسرائيلي للجولان والقدس ،وامتدح اسرائيل لحسن استخدامها للاسلحة الامريكي في غزة ، واعلن التزامه الصارم بوقوف واشنطن الى جانب اسرائيل .

لا ادري ان كانت تصريحات الرئيس ترامب هذه ، مجرد حبوب تهدئة ، تعطى لمتطرفي اسرائيل بغية تخفيف ضغطهم على نتنياهو .لكن الامر سيكون خطيرا ،فيما لو كانت  هذه التصريحات تجسد الموقف الحقيقي للرئيس الامريكي وتعبر عن قناعاته . لانه لو صح ذلك ، فان السلام الراسخ  في الشرق الاوسط لن يكون ابدا بمتناول اليد ، ولن يتعدى ما جرى في شرم الشيخ ، ان يكون مجرد هدنة ، ستعقبها انفجارات جديدة .

واختم مقالتي هذه بالتوجه الى الرئيس ترامب بالقول  : لقد اثمرت جهودكم اتفاقا تاريخيا بايقاف المجزرة في غزة ،وخلقت اجواءا ايجابية للتحرك نحو السلام في الشرق الاوسط ، والمطلوب الان استمرارا هذه الجهود  ، وان  لا تكتفي  واشنطن بالاصغاء لاسرائيل فقط  ، بل  ان تكون منفتحة على  اطراف الصراع  كلها في الشرق الاوسط .

ولكي لا يستفرد نتنياهو بترامب  ، فان الدول التي شجعت الرئيس الامريكي على اطلاق مبادرته  السلمية، واقصد السعودية ومصر وتركيا ، مطالبة ببذل جهود استثنائية جديدة لدى ترامب ، وعدم السماح لنتنياهو بفرض ما يريد مرة اخرى على الادارة الامريكية .

15 /10/ 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

9 + تسعة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube