https://alwadiforasianstudies.com/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي:

بعد تصريح وزير التجارة الامريكي ،الذي المح فيه الى  عزم الولايات المتحدة  ، الطلب من الكويت رد المبالغ التي  انفقتها القوات الامريكية خلال عملية تحرير الكويت ، اود ان  اوضح بعض الحقائق التي سمعتها وعايشتها  في تلك الفترة حول الموضوع.

اولا: في مطلع عام1991  سافرت الى منطقة حفر الباطن السعودية بالقرب من الحدود مع العراق . وكنت آنذاك رئيسا لتحرير صحيفة تشرين . التقيت اللواء علي حبيب قائد القوات السورية ، الذي تحدث طويلا عن مهمات القوات السورية هناك في منع اي توسع عراقي داخل الاراضي السعودية . سالته : وماذ عن ” جيرانكم الامريكيين؟، وكانت القوات الامريكية تتمركز في معسكر مجاور . اجاب : “هم يعيشون حياة مترفة خمسة نجوم ، تصور ان المملكة العربية السعودية تدفع كامل نفقات وجودهم هنا ،  من اجور النقل وتحميل المعدات وقيمة المحروقات والطعام والشراب . حتى ثمن  مياه الشرب ، وهي من نوع ايفيان والتي تأتي الى الامريكيين من فرنسا ،  وكذلك  قيمة قطع  لحم البقر التي تأتي من امريكا ، يدفعها السعوديون . اضافة الي نفقات برامج الترفيه  عن الجنود الامريكيين ”  . واضاف مبتسما : ” حدثت مشكلة في دفع فواتير المشروبات الكحولية ، فالقاتون السعودي يمنع ذلك ، لكنه تم الالتفاف على الامر  بتسجيل زجاجات الويسكي والروم والبيرة  وغيرها ،على انها عصائر وشرابات مقوية للجسم !”.

اردت من ايراد هذه الواقعة  ،التدليل على ان مبلغ المائة مليار دولار ، والذي تتحدث عنه اليوم ادارة ترامب ، وتطالب باسترجاعه من الكويت ، هو مبلغ مشكوك بامره .

ثانيا : بعد ان تم تحرير الكويت ، سافرت الى الكويت بداية عام 1992 . وهناك  شاهدت بلدا مدمرا ـ ترتفع  فيه اعمدة الدخان من 750 بئرا نفطيا احرقها صدام  ، بعد اجباره على الانسحاب من الكويت . التقيت عددا من المسؤوليين الكويتيين الذين تحدثوا بمرارة عن جرائم صدام . ولكنني شعرت ان هناك مرارة اعمق ،مكبوتة لديهم  عند التطرق الى الدور الامريكي .صحيح ان الكويت اعلنت امتنانها رسميا للولايات المتحدة ، ولكنني سمعت في احاديث بعض المسؤولين الكويتيين عتبا ،لا بل غضبا ،على بعض الامريكيين الذي  اعطوا الضوء الاخضر لصدام في غزو الكويت . وانا ساذكر بعض الوقائع المتعلقة بذلك . قبيل الغزو العراقي للكويت  بايام  ،اجتمع صدام مع السفيرة الامريكية في العراق آنذاك أبريل غلاسبي .وشرح صدام للسفيرة ” المظالم ” التي تعرض لها العراق من جانب الكويت ، و اخبرها بنيته غزو الكويت . وكان رد فعل السفيرة : لا املك رأيا في  خلاف العراق مع الكويت ، وهو ما فسره صدام على  انه ضوء اخضر له للمضي في خطته . وهناك واقعة اخرى ذكرها لي بعض المسؤوليين الكويتيين آنذاك ، وهي ان وزارة الخارجية الامريكية ارسلت قبل لقاء السفيره هذا ، تأكيدات لصدام ، ان واشنطن ليست لديها التزامات دفاعية او أمنية خاصة تجاه الكويت . الا يعني هذا اشارة  امريكية غير مباشرة  من ان واشنطن لن تتدخل في الصراع ؟

هذه المعلومات تشير الى ان امريكا تتحمل جزءا كبير من مسؤوليىة الغزو العراقي للكويت ، ولذلك ، فلا يحق لها المطالبة بتعويضات او استرداد المبالغ التي انفقتها اثناء عملية تحرير الكويت .ثم ينبغي الا يغيب عن الذهن ، ان امريكا فيما بعد ، قد احتلت العراق ، ونهبت موارده الغنية . فلماذا لا يتحدث الوزير الامريكي الذي يطالب الكويت اليوم باعادة مبلغ مائة مليار دولار ، عن المكاسب المالية والسياسية الهائلة التي جنتها واشنطن من احتلالها للعراق ؟

اعتقد ـ ان مطالب واشنطن المالية  هذه ، تندرج ضمن سياسة البلطجة والعصا الغليظة ،التي تلوح بها ادراة ترامب في وجه اصدقائها اليوم ، وتبتزهم ماليا وسياسيا .

22/3/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 + تسعة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube