
كتب محمد خير الوادي :
لقي الاتفاق   الذي تم  بين الرياض وطهران على عودة العلاقات بين الدولتين  برعاية  صينية ، ترحيبا من اغلب دول  المنطقة والعالم ،الذي اعتبر هذا  الخطوة  بداية ذوبان جليد العداء  ، ومرحلة  مهمة في تطبيع الاجواء  بين الدولتين . وكان من الطبيعي ان تشذ تل ابيب  عن شبه  الاجماع هذا وتعبرعن قلقها ومخاوفها من خطوات التقارب بين السعودية وايران . فاسرائيل عملت منذ تاسيسها على تمزيق المنطقة ، وتأجيج الخلافات السياسية  والفتن الدينية بين دولها وشعوبها .
وفي حقيقة الامر ، فان هذا الاتفاق هو بمثابة اختراق استراتيجي لاجواء العداء الذي سمم الشرق الاوسط عشرات السنين ، وبادرة سلمية طيبة من جانب بكين .ومع ذلك ، فان القول ان الطريق نحو تطبيق الاتفاق سيكون مفروشا بالورود ، وان الاتفاق المذكور سينقل  المنطقة كلها  من اجواء الحرب  الاقليمية الباردة الى مراحل التعاون والتفاهم  والاستقرار ، هو تقييم متسرع  .فحجم المشكلات  الموجودة كبير ، وعملية نزع الالغام  التي زرعت في اساسات العلاقات السعودية الايرانية   على امتداد عشرات السنين ،تتطلب جهدادؤوبا   ودقة متناهية  وتفاهما  عميقا وثقة متبادلة  ليست متوفرة  كلها/ على الاقل الآن .
ثم أن البيان  الصادر عن اجتماع بكين قد تضمن فقرة  حساسة جدا تقول : “ان  الجانبين اتفقا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”. فكيف سيتم التعامل مع تلك الفقرة ، في وقت تملك الدولتان حضورا مؤثرا  في دول اخرى : السعودية عبر الاموال والواجهات الدينة ، وايران من خلال الوجود العسكري والديني  الذي ينتشر  في هلال جغرافي يمتد من بحر العرب الى البحر الابيض المتوسط ؟
اضيف الى ذلك ،  ان السعودية قد اكدت صراحة  ،ان  اية قنبلة او صاروخ يطلقه الحوثيون من اليمن على السعودية او دول الخليج الاخرى  ، سيؤدي الى تدمير هذا الاتفاق !
وهناك مسألة اخرى . ماهو مصير التفاهمات والاتفاقات التي انجزتها اسرائيل خلال  الفترة الماضية – بدعم امريكي – مع بعض دول الخليج العربية ، والتي تنطلق كلها من قاعدة التعاون المشترك لمواجهة ” الخطر الايراني ” ؟ هل ستنهار تلك التفاهمات؟ وهل ستسلم اسرائيل والمدعومة امريكيا بسهولة  بالواقع الجديد الذي قد يخلقه تحسن العلاقات السعودية والايرانية ؟
والسؤال الاخير في هذا المجال : هل ستتقيد المنظمات والاطراف  المحسوبة على  كل من ايران والسعودية  بروح هذا الاتفاق ، لا سيما ان معظم انشطة تلك المنظمات قائم على اسس دينية تنطلق  من معاداة اما السعودية او ايران ؟
ان ايراد تلك الاسئلة لا يعني التقليل من اهمية الخطوة التي  تمت بين السعودية وايران ، بل هو يشير الى حجم التحديات التي سواجهها تنفيذ هذا الاتفاق ، والتي آمل ان تتغلب روح التعاون والتفاهم التي انطلقت في بكين على تلك العقبات والتحديات كلها .
17/3/2022
