https://alwadiforasianstudies.com/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

كتب محمد خير الوادي :

زرت السودان عدة مرات ، وفي كل مرة كنت اعود من هناك ، كانت تترسخ لدي قناعة ، ان هذا البلد يقدم انموذجا حيا لما يسمى بمقولة ” لعنة وفرة الموارد ” .

لقد حبا الله السودان الشقيق بموارد قلما نجد لها نظيرا . فهذا البلد يتربع على مليون وثمانمائة الف كيلو متر مربع من الاراضي الشاسعة والخصبة  ، والتي تشغل المساحة القابلة للزراعة فيها نحو الثلث – وهي من النسب العالية في العالم – . ويملك السودان موارد مائية  من امطار وانهار ، تضعه في مقدمة دول العالم . ويعتبر الشعب السوداني الشقيق في طليعة شعوب والعرب  وافريقيا، ثقافة وعلما وقدرة على العمل والانتاج .اضافة الى  احتضان الارض السودانية لثروات اسطورية  ، من الذهب والمعادن النادرة والنفط  واليورانيوم  والصمغ العربي ،وغيرها . ورغم ذلك كله ، تصدمنا  كل يوم ،اخبار المجاعة  التي تفتك الآن بثلثي السودانيين ، وتحزننا مناظر ملايين المهجرين والنازحين  ، ويؤلمنا ما نراه من افلام ، عن  التدمير والقتل ،  والذي بات يطغى   اليوم ،على كل ما عداه في هذا البلد المنكوب .

مشكلة السودان ، لم تكن في شعبه الطيب المعطاء العريق ، ولا في ندرة الموارد الطبيعية ، بل في القيادات التي تعاقبت على هذا البلد العربي الاصيل . كان ديدن  معظم هذه القيادات الاحتفاظ بالسلطة  باي ثمن، وكان هاجس المتنفذين  جمع الثروة . ونظرة  سريعة على الصراع الدموي ،الذي يحتدم اليوم بين قوات الدعم السريع وما تبقى من الجيش السوداني  تؤكد ذلك .  انه صراع بين طرفين ، قررا وضع مصالحهما الشخصية والسلطوية  الضيقة فوق مصالح البلد والشعب . ولذلك يخوضان حربا  ضروسا ، تطحن الاخضر واليابس في هذا البلد الغني ، حربا من اجل السيطرة على منابع النفط ومناجم الذهب واليورانيوم ، ومعامل انتاج الصمغ العربي . انها حرب دمرت مقومات التنمية في السودان ، وافقرت شعبه وشردت طاقاته العلمية والفكرية ،وفتحت الباب على مصراعيه امام التدخل الاجنبي البغيض .  حرب جعلت سلة العرب الغذائية  تستجدي المساعدات الغذائية الاجنبية . فياله من  ذل وهوان!

والمشكلة ، ان المتصارعين لا يشعرون بهذا الهوان ،ولا يقيمون وزنا  للنتائج الكارثية لخصوماتهم الانانية هذه .

لقد ابتلي السودان ، وهو ارض الخير والكرامة والعزة ، بقيادات ،حولت وفرة الموارد  هناك الى نقمة على الشعب ، قيادات حطمت آمال السودانيين واحلامهم في بناء بلد ،يكون انموذجا للاخرين في استثمار موارده  ،وبناء  حياة رغيدة وعيش كريم . ولا ادري، هل سيملك اولئك الذين اشعلوا هذه الحرب العبثية ، جرأة – بعد الذي فعلوه –  على النظر مستقبلا  في عيون السودانيين؟ وكيف سيسوغون هذه الكارثة التي حلت بالسودان واهله ، نتيجة انانيتهم وسلوكهم  اللامسؤول والمستهجن  ؟

29/9/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + ستة عشر =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube