https://alwadiforasianstudies.com/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

  كتب محمد خير الوادي :

هذه الجملة ليست من عندي ، وانما قالتها صحيفة هآرتس الاسرائيلية ، التي افردت مقالة كاملة ، تتحدث فيها عن الشرخ الذي اصاب مؤخرا العلاقات بين واشنطن وتل ابيب في ظل ترامب .اقتبس  من المقالة  جملة أخرى تقول  : ان الولايات المتحدة – ولاول مرة منذ 250 عاما – بدأت  تستيقظ وتتصرف كدولة مستقلة لا ” كجمهورية موز” ( تابعة لاسرائيل ). واضيف  من عندي : انه اول  مرة منذ  سنوات طويلة ، يأتي رئيس امريكي الى الشرق الاوسط ، وقد  استرد جزئيا مفتاح القرار الامريكي من مكتب نتنياهو ، ولايضع غشاوة اسرائيلية على عينيه.

اعتقد ، ان سبب هذا التحول الامريكي –  الذي آمل ان يستمر –  ،يكمن في ان الرئيس ترامب ،صاحب الشخصية الطاغية ، والمعتد كثيرا بنفسه ، قد اكتشف ،ان نتنياهو صار يشاركه في الهيمنة على القرار الامريكي ، لا بل ان رئيس الحكومة الاسرائيلية قد تجرأ على  التواطىء مع بعض اركان الادارة الامريكية  ،لا سيما مع مستشار الامن القومي ،  من اجل اتخاذ قرارات من وراء ظهر ترامب، تخالف التوجهات العامة للادارة الامريكية ازاء ايران. اضافة الى ذلك ،ادرك ترامب ان نتننياهو يعد ولا يفي ، ويكذب دائما ، ويلف ويدور للتهرب من التزامات اخذها على نفسه   ، وانه يسير  على نهج  يخالف احيانا سياسة ترامب . ومعروف ، ان سيد البيت الابيض الحالي ، يمقت كل من ينافسه او يتجاهله ، ولا يطيق من يتآمر عليه ، حتى لو كان هذا الشخص نتنياهو .

كما اكتشف ترامب جانبا آخر من تعامل رئيس الوزراء الاسرائيلي معه هو ، أن اغداق الهدايا على نتنياهو ، والافراط في تقديم الخدمات المجانية له ، لم يجعلا رئيس الوزراء الاسرائيلي سلس القيادة  لين العريكة  او اكثر اعتدالا  ، اومستعدا لتنفيذ كل ما يرغب به ترامب .  والدليل على ذلك ، ان نتنياهو قد  ازداد تطرفا ، واسهم في هيمنة المتطرفين العنصريين  على  قرار الحكومة الاسرائيلية . وهذا يعرقل كثيرا نجاح السياسة الامريكية في الشرق الاوسط .

وقد بدأت علامات انزعاج ترامب من صديقه القديم تطفو على السطح . فقد عزل  الرئيس الامريكي مستشاره للأمن القومي مايك والتز ،الذي فتح اسرار البيت الابيض امام نتنياهو ،وعمل خفية معه   . كما سارعت ادارة ترامب الى ابرام اتفاق وقف اطلاق النار مع الحوثيين دون اعلام رئيس الحكومة الاسرائيلية ، والغى ترامب زيارة وزير الدفاع الامريكي الى اسرائيل ،واستثنى تل ابيب من اول جولة خارجية يقوم بها في الشرق الاوسط  .والشيء المهم كذلك ،  ان ترامب قد تجاهل الموقف الذي كان يصرعليه نتنياهو ، وهو ،ربط التعاون النووي الامريكي المزمع مع السعودية ،بشرط التطبيع مع اسرائيل . كما بدأ الرئيس الامريكي محادثات مع ايران وفتح باب اتفاق سلمي معها ،دون التنسيق مع اسرائيل ، وهو امر كان يعارضه نتن ياهو بشدة . وفي الوقت الذي يخوض رئيس الحكومة الاسرائيلي حرب ابادة مع حماس في قطاع غزة والضفة ، اقدم البيت الابيض على اجراء محادثات مع  قادة حماس من وراء ظهر نتنياهو .

وانا آمل ان يتحررالرئيس ترامب  كذلك من تأثير احقاد نتنياهو على سورية ، وان يبادر الرئيس الامريكي الى الغاء العقوبات ضدها وتقديم المساعدة لها . لا سيما ان الوقائع تفيد ، ان الضغط الاسرائيلي الكثيف على واشنطن ، هو الذي يعرقل الغاء العقوبات الامريكية ضد سورية ، وهو – اي الضغط الاسرائيلي – يشوش الرؤية الامريكية ازاء الاستقرارـ ويساعد في تأجيج الطائفية . وهي امور تتعارض مع السياسة الرسمية المعلنة لادارة ترامب ـ،التي تقول بالحفاظ على وحدة  سورية واستقرارها .وستكون مفاجأة سعيدة حقا ، لو تجاهل الرئيس الامريكي مواقف نتنياهو هذه فيما يخص سورية ، واقدم على فتح صفحة جديدة من التعاون معها .

واختم مقالتي ، بالاعراب عن الامل في ان يواصل الرئيس ترامب تخليص امريكا من الهيمنة الاسرائيلية ، التي وصلت الى حد معيب وغير لائق بدولة عظمى .  والدليل على ذلك ما ذكرته الصحيفة الاسرائيلية ، من ان اسرائيل  كانت تعامل البيت الابيض على انه فرع من مكتب رئيس وزرائها ، وتتدخل في صياغة كل جملة في الوثائق التي تصدرها واشنطن بشان اسرائيل .

12/5/2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إحدى عشر − خمسة =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube