
كتب محمد خير الوادي :
بعد اعلان ترامب الحرب التجارية على العالم ، بدأت تطفو على السطح ، بعض الارتدادات السلبية لسياسة قاطن البيت الابيض ،على الامريكيين وعلى االولايات المتحدة عامة .
اولى هذه الارتدادات ، تجلت في الكوارث المالية التي حلت ببطانة ترامب من كبار الاثرياء ، الذين دعموا الرئيس الامريكي بلا حدود ، طمعا في زيادة ثرائهم . ففي يوم واحد، خسر عدد من هؤلاء نحو مائتين وخمسين مليار دولار من ثرواتهم الخاصة ، كما تكبد اغنياء العالم المتعاطفين مع الرئيس الامريكي ، خسائر فلكية تقدر باكثر من اثنين ونصف ترليون دولار خلال الايام القليلة الماضية . وبما ان معظم عبدة المال هؤلاء ، قد انجذبوا الى ادارة ترامب ، بقصد جني الارباح ، فان تلك الخسائر قد وقعت عليهم كالصاعقة . فبدل الارباح الموعودة ، بات اثرياء امريكا يحصون اليوم بحسرة ،ما فقدوه نتيجة قرارات الرئيس ترامب . ومن الطبيعي ان يبدأ اثرياء امريكا باعادة النظر بمواقفهم السابقة . وعلى رأس الذين عاد اليهم الوعي ، يقف ايلون ماسك ، رجل الاعمال الثري الذي انفق مبالغ طائلة لدعم حملة ترامب الانتخابية . فقد قرر ماسك الخروج من فريق ترامب الحكومي ، والتفرغ لشركته بهدف الحد من الكارثة المالية التي حلت به . وانفضاض الاغنياء من حول ترامب ، يشكل ضربة قوية ومؤلمة له ، وهو الذي فاخر دائما ، ن حكومته هي حكومة الاثرياء .
والضربة الاخرى التي تلقاها ترامب ، كانت من اقرب حلفاء امريكا السابقين ، والذين ساوتهم رسوم ترامب الجمركية بخصوم امريكا واعدائها . فقد اعلن الاتحاد الاوربي نيته توجيه رد حازم على رسوم ترامب . وبدأت الاوساط السياسية والاعلامية الاوربية ،تنعي التحالف بين ضفتي الاطلسي ، وتصف امريكا بانها باتت اليوم الخصم الاساسي للاتحاد الاوربي . وقد اتسعت دائرة هذه المشاعر السلبية تجاه امريكا ، لتشمل كلا من كندا وبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية واوستراليا وغيرها . اجمالا ، فان علاقات الدول الغربية مع امريكا تنتابها اليوم مشاعر الشك والقلق وعدم الثقة بامريكا ، والسعي الحثيث للاعتماد على النفس في المجالات العسكرية والامنية . وتمثل هذه التحولات ، نكسة كبرى لامريكا ، التي بدأت تفقد عرشها العالمي ، وتخسر منصبها كزعيمة للغرب .
واعتقد ،ان الضربةا لاقوى التي وُجهت الى ترامب ، جاءت هذه المرة من المنافس الرئيسي لامريكا ، واقصد الصين . فقد رفضت بكين تنفيذ قرارترامب بوقف شراء النفط الايراني ، كما سارعت الجهات الرسمية الصينية الى فرض رسوم على البضائع الامريكية بنسبة 34% ، وهددت بالتصعيد ضد تايوان ، ان استمرت سياسة ترامب العدائية ضد الصين . من وجهة نظري ، فان الرد الحازم الصيني سيخلق مشكلات جدية لادارة ترامب داخل امريكا . وقد افادت بعض الاحصاءات ، بان العائلات الامريكية لن تجد بعد اليوم بضائع صينية رخيصة الثمن في الاسواق الامريكية ، وان كل عائلة امريكية ستخسر خمسة الاف وخمسائة دولار سنويا ، نيجة الردود الصينية ، وان هذا الرقم مرشح للتضاعف .
لقد سعى ترامب الى زيادة امريكا قوة وثراء، ولكن اجراءاته الاخيرة والمتسرعة ،تمخضت عن فقدان حلفاء امريكا ، وتكبيد اثريائها خسائر فلكية ، وزيادة الاعباء على فقرائها. والمشكلة ، ان ترامب وفريقه ينكرون ذلك كله . فترامب يقول ان هناك سبعة ترليونات دولار في طريقها (؟) الى امريكا . ويفاخر نائبه فانس بان اسعار البيض في امريكا قد انخفضت ، اما وزير الخارجية الامريكي ، فيتحدث عن المستقبل المشرق الذي ينتظر الامريكيين في ظل قيادة ترامب الحكيمة .
بالنسبة لنا العرب ، فاننا ” ننعم ” كثيرا بافضال ترامب ووعوده بتحقيق السلام والازدهار . “فمكرمات” ترامب السلمية ، تتساقط علينا من السماء ،قنابل وصواريخ ،ودعما غير محدود للنتن ولسياسته العدوانية التوسعية .
5/4/2025