https://alwadiforasianstudies.com/wp-content/uploads/2020/07/CAC.png

مهسا صافي

 

( ملخص بحث)

​​​​​ ابتعدت سياسة إسرائيل الخارجية إبّان الحكومات اليمينية المتطرّفة برئاسة بنيامين نتنياهو، خلال العقد الأخير، تدريجيًّا عن الأنموذج القديم القائم على مبدأ “الأرض مقابل السلام”، وأحلّت محلّه مفهومًا آخر عنوانه: “السلام مقابل السلام”. ويقوم هذا المفهوم على فرضية مفادها أنّ إسرائيل، بتجاهلها للقضايا المثيرة للجدل تاريخيًا، خاصةً القضية الفلسطينية، وإعطاء مصالحها الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية الأولوية، قد تتمكّن من تطبيع العلاقات مع العالم العربي من دون تقديم تنازلاتٍ سياسية.

أولًا: حالة الاتفاقيات الإبراهيمية

 

قد تُعدّ الاتفاقيات الإبراهيمية تجليّات ملموسة لهذا النهج، وهي التي اقتضت إنشاء بعثات دبلوماسية في الإمارات العربية المتحدة والبحرين، والشروع في مفاوضات مع السودان والمغرب. غير أنّ التطوّرات التي جدّت منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بخاصةٍ بعد حرب غزة والضربات المتلاحقة التي وجّهتها إسرائيل إلى كلّ من سورية ولبنان وإيران وقطر، سبّبت انقسامات فكرية في أوساط النخب العربية والمحلّلين بشأن طبيعة هذا النهج ومستقبله. فقد كانت التوقعات الأولية تشير إلى أنّ تعزيز الروابط بين إسرائيل والعالم العربي من شأنه أن يكبح جماح تل أبيب على المستوى الإقليمي، لكنّ أفعالها الأخيرة في المنطقة توحي بأنّ الأمور تتجه عكس ذلك. وتتضمّن هذه الأفعال:

مواصلة العمليات العسكرية الإسرائيلية وتكثيفها على عدّة جبهاتٍ في آنٍ واحد (غزة، وجنوب لبنان، وسورية، وضربات موجّهة في إيران).

توسّع العمليات الاستباقية بدلًا من الاكتفاء بالردع الدفاعي.

غياب أي ردّ دولي فعّال، بخاصةٍ من جانب حلفاء إسرائيل الغربيين. ويُعيد هذا الوضع تدريجيًّا تشكيل التصوّر العربي السائد لمشروع التطبيع.

والسؤال الذي يُطرح الآن هو: كيف تعود عملية التطبيع والتقارب بالفائدة الاستراتيجية على الدول العربية، إذا كانت هذه العملية تعزّز جرأة إسرائيل ولا تخفّف حدّة التوترات؟ لا شيء يثير الرعب في الشرق الأوسط مثل “الواقع”، ولا مكان يجسّد ذلك بوضوح مثل سورية اليوم، حيث تفوّقَ الواقع على السياسة وتجاوزَ الدبلوماسية، بل تعدّى حدود المنطق

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 + 17 =

Share via
Copy link
Powered by Social Snap
Visit Us On TwitterVisit Us On FacebookVisit Us On Youtube